كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} وَهَذَا ادِّعَاءٌ مِنْهُ لِلرِّسَالَةِ ثُمَّ إِنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يُطَالِبُونَهُ بَعْدَ ظُهُورِ الْمُعْجِزَاتِ بِمُعْجِزَاتٍ أُخْرَى عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ كَمَا قَالَ حَاكِيًا عَنْهُمْ: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} (17: 90) إِلَى قَوْلِهِ: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} (17: 93) وَالْمَعْنَى أَنِّي رَسُولٌ أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ إِلَيْكُمْ، وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الدَّلَالَةَ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فِي الرِّسَالَةِ بِإِظْهَارِ أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ مِنْ بَابِ التَّحَكُّمِ وَذَلِكَ لَيْسَ فِي وُسْعِي، وَلَعَلَّ إِظْهَارَهَا يُوجِبُ مَا يَسُوؤُكُمْ، مِثْلُ أَنَّهَا لَوْ ظَهَرَتْ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَوْجَبَ الْعِقَابَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا سَمِعُوا الْكَفَّارَ يُطَالِبُونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى ظُهُورِهَا فَعَرَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمْ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ فَرُبَّمَا كَانَ ظُهُورُهَا يُوجِبُ مَا يَسُوؤُهُمْ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: {وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} فَاتْرُكُوا الْأُمُورَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَلَا تَسْأَلُوا عَنْ أَحْوَالٍ مَخْفِيَّةٍ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ. انْتَهَى كَلَامُ الرَّازِيِّ بِنَصِّهِ وَضَعْفِ عِبَارَتِهِ.
وَأَقُولُ: إِنَّ مُنَاسَبَةَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ لِآيَةِ تَبْلِيغِ الرَّسُولِ لِلرِّسَالَةِ مُنَاسِبَةٌ خَاصَّةٌ قَرِيبَةٌ وَلَهُمَا مَوْقِعٌ مِنْ مَجْمُوعِ السُّورَةِ يَنْبَغِي تَذَكُّرُهُ وَالتَّأَمُّلُ فِيهِ: ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ آخَرُ مَا نَزَلْ مِنَ السُّوَرِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، وَسُورَةُ النَّصْرِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عُمَرَ، وَقَدْ صَرَّحَ اللهُ تَعَالَى فِي أَوَائِلِهَا بِإِكْمَالِ الدِّينِ، وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ بِهِ عَلَى الْعَالَمِينَ، فَنَاسَبَ أَنْ يُصَرِّحَ فِيهَا بِأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ وَظِيفَةِ الْبَلَاغِ الَّذِي كَمُلَ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُكْثِرُوا عَلَيْهِ مِنَ السُّؤَالِ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ التَّكَالِيفِ الَّتِي يَشُقُّ عَلَى الْأُمَّةِ احْتِمَالُهَا، فَتَكُونُ الْعَاقِبَةُ أَنْ يُسْرِعَ إِلَيْهَا الْفُسُوقُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا، وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْ كِتْمَانِ شَيْءٍ مِمَّا أَمَرَهُ اللهُ بِتَبْلِيغِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلِمَ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ هَذَا النَّهْيِ وَبَيْنَ الْخَبَرِ بِإِكْمَالِ الدِّينِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ فِي النَّظْمِ الْكَرِيمِ؟ قُلْتُ: تِلْكَ سُنَّةُ الْقُرْآنِ فِي تَفْرِيقِ مَسَائِلِ الْمَوْضُوعِ الْوَاحِدِ مِنْ أَخْبَارٍ وَأَحْكَامٍ وَغَيْرِهِمَا لِمَا بَيَّنَّاهُ مِرَارًا مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ، وَهَاكَ أَقْوَى مَا وَرَدَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَتَيْنِ:
رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ وَقَالَ فِيهَا: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ فُلَانٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية.
{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الْآيَةَ، قَالَ فَحَدَّثَنَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ فَأَشْفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ، فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ لَا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا وَجَدْتُ كُلَّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ عُمَرُ أَوْ فَأَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا عَائِذًا بِاللهِ أَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ أَرَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ صُوِّرَتْ لِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ». أَخْرَجَاهُ أَيِ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ: «مَا رَأَيْتُ وَلَدًا أَعَقَّ مِنْكَ، قَالَتْ: أَكُنْتَ تَأْمَنُ أَنَّ أُمَّكَ قَدْ قَارَفَتْ مَا قَارَفَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَتَفْضَحَهَا عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ: وَاللهِ لَوْ أَلْحَقَنِي بِعَبْدٍ أَسْوَدَ لَلَحِقْتُهُ».
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غَضْبَانُ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، إِنَّا يَا رَسُولَ اللهِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَشِرْكٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا، قَالَ: فَسَكَنَ غَضَبُهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الْآيَةَ» إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُرْسَلَةً غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ فَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْهُ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي جُمْلَتِهِ وَزَادَ كَلَامَ عُمَرَ «فَاعْفُ عَنَّا عَفَا اللهُ عَنْكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ: فَيَوْمَئِذٍ قَالَ: وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ثُمَّ قَالَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِهْزَاءً فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ كُلِّهَا، تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (3: 97) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، فَقَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، قَالَ ثُمَّ قَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَقَالَ: لَا وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اسْتَطَعْتُمْ، فَأَنْزَلَ الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الْآيَةَ» وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ بْنِ وَرْدَانَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا. اهـ.
أَقُولُ: مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ ثِقَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ هُوَ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ التَّابِعِيُّ ثِقَةٌ فِيهِ تَشَيُّعٌ، رَوَى عَنِ الْجَمَاعَةِ كُلِّهِمْ، وَلَكِنْ مَرَاسِيلُهُ ضَعِيفَةٌ.
وَقَدْ عَزَا السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا إِلَى أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَازِيًا إِيَّاهُ إِلَى عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمِ- قَالَ: وَصَحَّحَهُ- وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَفِيهِ أَنَّ السَّائِلَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَذُكِرَ مِثْلُهُ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ مِنْ تَخْرِيجِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَفِيهِ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ» إِلَخْ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ» وَلَفَظُ مُسْلِمٍ «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافُهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي شَرْحِهِ لَهُ تَبَعًا لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ: وَسَبَبُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ أَقُولُ: وَكَذَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمُ» الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُخْتَصَرًا فَزَادَ فِيهِ: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} انْتَهَى وَأَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ هَذَا ثِقَةٌ، رَوَى عَنْهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ.
وَنَصُّ سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَقَالَ رَجُلٌ: فِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى أَعَادَهُ ثَلَاثَةً فَقَالَ: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا، ذَرُونِي مَا تَرَكْتُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالشَّيْءِ وَفِي نُسْخَةٍ بِشَيْءٍ فَخُذُوا بِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ» رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَسْأَلَةُ وُجُوبِ الْحَجِّ وَأَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ: كُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ، لَوَجَبَتْ ثُمَّ إِذَنْ لَا تَسْمَعُونَ وَلَا تُطِيعُونَ وَلَكِنَّهُ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ نَقَلَ عَنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْحَجِّ كَانَ يَوْمَ خَطَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُهُ».
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: حَدَّثْنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} قَالَ: «هِيَ الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ وَالْوَصِيلَةُ وَالْحَامِي، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ كَذَا وَلَا كَذَا» قَالَ: وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْآيَاتِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ}، قَالَ فَقَالَتْ: قَدْ حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ بِخِلَافِ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَا لَكَ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: هِيهْ.
ثُمَّ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِثْلَ قَوْلِ مُجَاهِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَجْلِ إِكْثَارِ السَّائِلِينَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ، كَمَسْأَلَةِ ابْنِ حُذَافَةَ إِيَّاهُ مَنْ أَبَوْهُ، وَمَسْأَلَةِ سَائِلِهِ إِذَا قَالَ «إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ» أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ، لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ بِذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَعَامَّةِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَغَيْرُ بَعِيدٍ عَنِ الصَّوَابِ، وَلَكِنَّ الْأَخْبَارَ الْمُتَظَاهِرَةَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ بِخِلَافِهِ، ذَكَرَ هُنَا الْقَوْلَ بِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَنِ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِي كَانَتْ فِيمَا سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ مِنَ الَمَسَائِلِ الَّتِي كَرِهَ اللهُ لَهُمُ السُّؤَالَ عَنْهَا إِلَى آخِرِ مَا قَالَهُ، وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْأَخْبَارَ صِحَاحٌ فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا، وَيُشِيرُ إِلَى ضَعْفِ سَنَدِ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ؛ لِأَنَّ خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَاوِيهَا عَنْهُ قَدْ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تُكُلِّمَ فِي سُوءِ حِفْظِهِ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ: مَرَّةً صَالِحٌ وَمَرَّةً ثِقَةٌ.
وَالطَّرِيقَةُ الْمُتَّبَعَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النُّهَى فِي الآية.
يَشْمَلُ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَكُلَّ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا رُوِيَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ كَانَ سَبَبًا حَقِيقِيًّا، بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي كُلِّ مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَيَشْمَلُهُ عُمُومُهَا: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، وَكَثِيرًا مَا يَنْقُلُونَ كَلَامَ الرُّوَاةِ بِمَعْنَاهُ فَيَجِيءُ مَنْطُوقُهُ مُتَعَارِضًا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِرَارًا، وَأَبْعَدُ مَا قِيلَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَسْأَلُ النَّبِيَّ عَنِ الشَّيْءِ امْتِحَانًا أَوِ اسْتِهْزَاءً، وَهَذَا لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِنْ كَافِرٍ صَرِيحٍ أَوْ مُنَافِقٍ، وَالْخِطَابُ فِي الْآيَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُمْكِنُ نَهْيًا لَهُمْ عَنْ سُؤَالٍ لِامْتِحَانٍ أَوِ اسْتِهْزَاءٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْآيَةِ تَعْرِيضٌ بِالْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.
وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِي حَدِيثٍ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِمَعْنَاهُ: «فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ: سَلُونِي» فَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَرَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ السُّؤَالِ فِي الْآيَةِ لِهَذَا الْإِحْفَاءِ وَالْإِغْضَابِ الَّذِي آذَوْا بِهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ مَا شَرَطَ فِي النَّهْيِ وَمَا عَلَّلَ بِهِ يُنَافِي ذَلِكَ.
وَالْقَوْلُ الْجَامِعُ لِلرِّوَايَاتِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ مَا يَأْتِي:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} {أَشْيَاءَ} اسْمُ جَمْعٍ أَوْ جَمْعٌ لِكَلِمَةِ «شَيْءٍ» وَهِيَ أَهَمُّ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَوْجُودِ، فَتَشْمَلُ السُّؤَالَ عَنِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْعَقَائِدِ وَالْأَسْرَارِ الْخَفِيَّةِ، وَالْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ إِذَا تَحَقَّقَ فِيهَا ذِكْرُ مَعْنَى الْجُمْلَتَيْنِ الشَّرْطِيَّتَيْنِ، وَالْمَقْصُودُ أَوَّلًا بِالذَّاتِ النَّهْيُ عَنْ سُؤَالِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَدَقَائِقِ التَّكَالِيفِ، يَلِيهِ السُّؤَالُ عَنِ الْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ أَوِ الْأَسْرَارِ الْخَفِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَغْرَاضِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِظْهَارُهَا سَبَبًا لِلْمَسَاءَةِ، إِمَّا بِشِدَّةِ التَّكَالِيفِ وَكَثْرَتِهَا، وَإِمَّا بِظُهُورِ حَقَائِقَ تَفْضَحُ أَهْلَهَا، وَلَكِنَّ حَذْفَ مَفْعُولِ {تَسْأَلُوا} يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، أَيْ وَلَا تَسْأَلُوا غَيْرَ الرَّسُولِ عَنْ أَشْيَاءَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِبْدَاؤُهَا مَسَاءَتَكُمْ، فَهِيَ النَّهْيُ عَنِ الْفُضُولِ وَمَا لَا يُغْنِي الْمُؤْمِنَ.
وَمِنَ الْمُقَرَّرِ فِي قَوَانِينِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ شَرْطَ «إن» مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُقُوعِهِ، وَالْجَزَاءُ تَابِعٌ لِلشَّرْطِ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ، فَكَانَ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} دُونَ «إِذَا أُبْدِيَتْ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» دَالًّا عَلَى أَنَّ احْتِمَالَ إِبْدَائِهَا وَكَوْنَهُ يَسُوءُ كَافٍ فِي وُجُوبِ الِانْتِهَاءِ عَنِ السُّؤَالِ عَنْهَا.